فتحَ تعميم اتحاد بلديات لبنان، إجراء مسح شامل لأعداد السوريين في البلاد والنظر في إمكانية حصولهم على تسوية أوضاعهم القانونية للداخلين تهريبا أو ممن يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية، فتح البابَ واسعاً لاستغلالهم وابتزازهم من قِبل بعض مخاتير البلديات والسماسرة وسط استمرار عمليات الترحيل.
إفادة السكن في لبنان.. استغلال جديد للسوريين
عصام العمادي 41 عاماً، سوري الجنسية دخل لبنان عام 2019 يقول لموقع تلفزيون سوريا "أنا عسكري منشق عن الجيش وليس لدي إقامة قانونية"، مضيفاً أنه "يتخوف من ترحيله إلى سوريا في حال اعتقاله من قبل الجيش اللبناني" الذي ينفذ حملات مداهمة منذ بداية شهر نيسان الفائت.
ويسكن العمادي في برج حمود، الحي الذي شهد ترحيل عائلات بكاملها إلى سوريا، ويقول "قررت تسوية وضعي والحصول على إقامة"، ويوضح أنَّ ذلك يتطلب إفادة سكن تثبت وجوده في لبنان قبل تاريخ 24 من نيسان من العام 2019.
ورغم وجوده في لبنان قبل ذلك التاريخ، إلا أن مختار إحدى الحارات في حي برج حمود رفض إعطاءه إفادة السكن بحجة عدم امتلاكه ما يثبت ذلك، "طلب مني 80 دولارا كي ينجز الإفادة رغم أن كلفتها لا تتجاوز الــ 3 دولارات"، قال العمادي.
وعليه، بعد حصول العمادي على إفادة السكن مقابل 80 دولارا، تفاجأ بضرورة حصوله على كفيل لبناني أو كفالة شركة حتى يتكمن من إنجاز إقامته لدى مركز الأمن العام في حي برج حمود، وهو ما فشل في تحقيقه من جراء العنصرية تجاه السوريين في لبنان، واستغلال أصحاب العمل للسوري في الكفالة عبر طلب مبالغ تتراوح بين 250 و 500 دولار أميركي.
ومنذ بداية نيسان الفائت رحّل الجيش اللبناني ما يقارب الــ 500 لاجىء سوري وفقاً لوكالة فرانس برس، وسط دعوات منظمات دولية وحقوقية لوقف الترحيل ومنها منظمة العفو الدولية التي طالبت السلطات اللبنانية بوقف ترحيل اللاجئين السوريين.
بينما أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اعتقال ما يقارب 1501 سوري خلال الأسابيع الأخيرة، في حين تم تأكيد ترحيل ما لا يقل عن 712 منهم.
رفض تجديد إقامات العمل في لبنان
في المقابل، يعاني من يمتلك من السوريين إقامة عمل قانونية من رفض وزارة العمل تجديد إجازات عملهم رغم وجودهم القانوني وتقديمهم كل الأوراق المطلوبة للحصول على الإجازة التي عبرها يستطيع السوري الحصول على إقامة سنوية من المديرية العامة للأمن العام.
هذا ما حصل مع حسن 39 عاماً، الذي تقدم بطلب للحصول على تجديد إجازة عمل لدى شركة لبنانية بصفة عامل فني (فئة ثانية) قبل انتهاء إقامته السابقة بشهرين.
ويقول الرجل الثلاثيني لموقع تلفزيون سوريا "بعد شهر ونصف من تقديم الطلب رفضت وزارة العمل منحي الإجازة وكتب عليها وزير العمل اللبناني مع الرفض". وهكذا تحَّولت إقامة حسن في لبنان إلى إقامة غير قانونية وأصبح معرضاً للاعقتال أو الترحيل إلى سوريا.
ويقول لموقع تلفزيون سوريا "لا أستطيع العودة إلى سوريا، أحتاج كفيلا.. لدي ابن لا أريده أن يضيع مني"، بهذه العبارة ختم حسن حديثه لموقع تلفزيون سوريا، وسط بحثه المستمر عن طريقة جديدة غير إجازة العمل للحصول على إقامة قانونية في لبنان.
كذلك يستغل أرباب العمل في لبنان اللاجئين السوريين من خلال تشغيلهم بلا إجازات عمل والتي تتطلب تسجيلهم في التأمينات ودفع رواتب شهرية لهم، فضلاً عن دفع قيمة الضمان الاجتماعي للعامل.
وفي حال حدث وسُجَّل العامل السوري في التأمينات والضمان يقتطع رب العمل قيمة التسجيل من راتب العامل الشهري في حال امتناعه عن دفعها دفعةً واحدة كما حصل مع العامل دريد الحسين الذي يعمل في ورشة خياطة في البقاع الغربي.
ويقول الحسين (22 عاماً) لموقع تلفزيون سوريا "اضطريت للقبول باقتطاع جزء من راتبي شهرياً لصالح صاحب العمل مقابل إنجازه إقامة لي في لبنان بصفة عامل تنظيف في الورشة خوفاً من ترحيلي إلى سوريا".
ويحصل الحسين على مبلغ 120 دولار شهرياً مقابل عمله 13 ساعة متواصلة في ورشة الخياطة بين تنظيف الورشة ونقل البضائع وتوصيل الطلبات للزبائن وغيرها من الأعمال التي يكلفه بها صاحب العمل.
إدانات حقوقية لترحيل اللاجئين السوريين
بدوره، دعا مركز وصول لحقوق الإنسان السلطات اللبنانية والجهات المعنية إلى التحرك الفوري والعاجل لإيقاف الحملة الأمنية التعسّفية بحق اللاجئين، وقال في بيان له بتاريخ 28 من نيسان الفائت، "إنَّ المركز وثق 542 حالة اعتقال تعسفي بحق لاجئين سوريين ضمن 13 حملة أمنية استهدفت التجمعات السكنية والمخيمات في مناطق مختلفة من البلاد".
ودان المركز استمرار العمليات الأمنية للجيش اللبناني، معتبراً أن المداهمة والاعتقال والترحيل بحق اللاجئين في لبنان مخالفة للمواثيق الدولية والقوانين المحلية وفي مقدمتها الدستور اللبناني. مؤكداً اعتقال اثنين من الذين تم ترحيلهم على يد الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري.
ويرى المدير التنفيذي لمركز وصول لحقوق الإنسان، محمد حسن أنه منذ بداية العام الحالي 2023 وحتى تاريخ 28 نيسان، سُجلت 10 حالات ترحيل قسري جماعية، أي ما يقارب 396 لاجئاً، و11 حالة ترحيل فردية.
ويوضح حسن، في تصريحات صحفية، سبب تخلف اللاجئين عن الاستحصال على إقامات لجملة من القرارات غير القانونية في مقدمتها القرار الصادر عن المديرية العامة للأمن العام اللبناني في العام 2015 والذي ينظّم دخول وخروج السوريين من وإلى لبنان، والذي يحتوي على شروط معقّدة للغاية للحصول على الإقامة القانونية للاجئين في لبنان أو تجديد الأوراق.